قطار «دفن البحر» يناوش كورنيش سنابس بردميات متقطعة
صحيفة اليوم - « جعفر تركي، أحمد المسري - القطيف » - 30 / 8 / 2010م - 3:53 م
اللجنة الرباعية تتهرّب من لقاء «بلدي القطيف» منذ عام
بعد أكثر من عامين على تناول «اليوم» الملف الشائك المتعلق بردم البحر، ظهر من جديد على الساحة مؤيدون لعمليات ردم البحر في مواقع مختلفة بمحافظة القطيف فى مقابل معارضة كبيرة من بعض الجهات الأهلية والحكومية لما يسببه هذا الردم من خلل في النظام البيئي، ورغم أن مساعي تلك الجهات استطاعت ايقاف عمليات الردم في عدة مواقع كمشروع جسر صفوى، رأس تنورة، واخضاع الموقع للدراسة، إلا ان الآليات الضخمة لا تزال تواصل عملها فى ردم قناة تاروت وتحديداً بالمنطقة الواقعة شرق حي الناصرة، مهددة بإزالة ما تبقى من شجرة القرم «المانجروف» بمدينة القطيف.
أخطر التحديات
أوضح رئيس المجلس البلدي لمحافظة القطيف المهندس جعفر الشايب ان التعديَّات على المحميات الطبيعية والأحياء المائية من اخطر التحديات التي تواجه البيئة الطبيعية الغنية في مناطقنا، خصوصا القائمة على سواحل الخليج التي تعتبر من أثرى حواضن الأسماك الصغيرة بمختلف أشكالها نظراً لوجود كميات كبيرة من أشجار المنجروف التي انتشرت على مساحات كبيرة على مرّ مئات السنين.. واكد الشايب ان ردم السواحل يعدُّ من اشد الممارسات فتكاً بالبيئة البحرية.
خطط إستراتيجية
وقال انه يجب وضع خطط إستراتيجية للمحافظة على البيئة وحمايتها تشارك فيها جميع الجهات الرسمية ذات العلاقة وكذلك المؤسسات الأهلية بما في ذلك شركات التطوير العقاري التي تتجاوز الكثير من القيود بهدف تحقيق مكاسب مادية تكون على حساب الثروات الطبيعية والمستقبلية وتؤدي إلى أضرار وكوارث بيئية خطيرة تدفع ثمنها الأجيال المقبلة، وانه من الضروري تدخُّل الجهات الرسمية للحدِّ من استمرار التجاوزات على السواحل.
منع الردم
وأكد عضو المجلس البلدي لمحافظة القطيف الدكتور رياض المصطفى ان هناك قرارات سامية عديدة تمنع الردم والتعدي على خليج تاروت، موضحاً ان أي قرار يأتي حتى ولو جاء من اللجنة الرباعية بالردم يجب ألا يُعتد به ومن ضمنها الأمر السامي رقم 1861/8 في 27/8/1404هـ القاضي بالموافقة على مرئيات اللجنة الوزارية المشكّلة لدراسة ردميات البحر في المنطقة الشرقية حيث رأت اللجنة أن يبقى خليج تاروت على وضعه الحالي دون ردم.. وأكمل المصطفى ان هناك أمراً سامياً برقم 982/ م بتاريخ 15/9/1419هـ متضمناً في الفقرة الأولى أن الأصل منع الردم على الواجهات البحرية. كما توجد قرارات عديدة لمنع الردم، فأي موافقة من اللجنة الرباعية تتعارض مع ذلك يجب عدم الأخذ بها، فالأصل عدم الردم.
غابات وأشجار
واشار المصطفى الى ان المجلس قرر خلال مناقشته موضوع المحافظة على خليج تاروت ومنع عمليات الردم حفاظاً على الثروة السمكية والبيئة البحرية على ضوء الأوامر السامية والتعليمات الصادرة التى تؤكد على أهمية المحافظة على ما تبقى من غابات وأشجار القرم المعروف بأشجار المنجروف التي تنتشر على شاطئ وساحل خليج تاروت باعتبارها ثروة وطنية للأجيال يجب الحفاظ عليها من الردم الجائر تحت أي مبرر.
مخالفات وتجاوزات
وطالب المجلس بالإيقاف السريع والفوري لأي مخالفات وتجاوزات تحدث حالياً ومستقبلاً لردم مواقع تكاثر شجر القرم "المنجروف" وساحل البحر بشكل عام والتأكد التام من وجود تراخيص وموافقة اللجنة الرباعية للردم والتجريف المكونة من عدة جهات حكومية لمواقع المطلوب ردمه. وشدد المجلس على تنبيه المقاولين المنفذين لمشاريع البلدية المختلفة بالتقيّد والالتزام التام بالأنظمة والتعليمات القاضية بمنع ردم الشواطئ والسواحل وأماكن انتشار أشجار القرم "المنجروف" التي تنتشر على شاطئ خليج تاروت من الجهة الشمالية الغربية على وجه الخصوص.
زيادة تنسيق
ودعا المجلس لعقد اجتماع سريع وعاجل مع قيادة حرس الحدود بالمنطقة الشرقية لبحث سبل وآليات زيادة التنسيق والتعاون مع البلدية وتكثيف أعمال الرقابة الميدانية للشواطئ وخليج تاروت وإيقاف أية تجاوزات ومخالفات تحدث مستقبلاً والتأكد من وجود تصاريح رسمية معتمدة من قبل اللجنة الرباعية للمواقع التي تجري ردمها حاليا ومستقبلا.
رقابة ميدانية
كما طالب بعقد اجتماع آخر بين المجلس واللجنة الرباعية للردم والتجريف بالمنطقة الشرقية لشرح أهمية الموضوع وبحث سبل زيادة التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية والتي تشترك مع البلدية في عملية الرقابة الميدانية وتأليف فريق عمل للتحضير والإعداد الجيد للاجتماع المزمع وجمع المعلومات والبيانات المتعلقة به والأنظمة والأوامر الصادرة بهذا الخصوص ووضع تصوّر عام لمرئيات واقتراحات المجلس وتوصياته قبل مناقشتها مع اللجنة الرباعية.
جسر معلّق
وقال المصطفى إن المجلس أقرّ رفع خطاب لوزارة النقل بصفتها الجهة المنفذة لمشروع طريق المطار صفوى – رأس تنورة، والذي يحتوي على جسر بحري يمرّ عبر خليج تاروت، طالبها فيه بأن يكون الجسر معلقاً يبدأ من ساحل الخليج وينتهي عند الجزء المقابل من ساحل خليج تاروت من جهة محافظة رأس تنورة وان تتم المحافظة التامة على غابات وأشجار القرم "المنجروف" التي تنتشر في المنطقة التي يمرّ عبرها الجسر، وبعد عقد الاجتماعات ومطالبة البلدية بالعمل على المحافظة على خليج تاروت ومنع عمليات الردم حفاظاً على الثروة السمكية والبيئة البحرية على ضوء الأوامر السامية والتعليمات الصادرة حولها، طالب المجلس بلقاء عاجل مع اللجنة الرباعية والتي لم تستجب لطلب الاجتماع منذ 7/8/1430هـ.
دفن الشواطئ
ورفض المصطفى أي دفن للشواطئ دون وجود استراتيجية وخريطة بيئية لشواطئ المنطقة الشرقية بما فيها خليج تاروت من سيهات إلى صفوى تضعها اللجنة الرباعية بالتوافق مع بلدي القطيف بما يخص شواطئ محافظة القطيف ضمن المنطقة الشرقية، وأكد أن مثل هذه الإستراتيجية وخريطة بيئية لابد لها أن تعالج مستقبل أشجار القرم وتخصيص أراضٍ محمية لها ولزراعتها وتكاثرها تحافظ على الثروة السمكية في المنطقة الشرقية التي كانت تحتضن أفضل المحميات البيئية لمخزون الثروة السمكية في بيئتنا البحرية والذي يعزز مفهوم الامن الغذائي في بلادنا.
أثر سلبي
قال رئيس قسم الأحياء بكلية العلوم بجامعة الطائف والمستشار غير المتفرغ بالهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها وعضو مجلس إدارة المنظمة العالمية لحماية الطيور الدكتور محمد بن يسلم شبراق إن ردم الشواطئ على الخليج العربي له أثر سلبي على البيئة البحرية بشكل كامل سيؤثر ذلك على الإنسان نفسه خاصة صيادي الأسماك بالمنطقة..
وبشكلٍ مختصر.. إن القضاء على مناطق القرم أو شجر المنجروف على السواحل الشرقية من المملكة سيؤثر بشكل غير مباشر على الثروة السمكية، كما سيؤثر بشكل كبير على الطيور البحرية المهاجرة ونقص أعدادها.
ردم وعبث
وأكد د.شبراق أن ما يحدث من ردم وعبث بالبيئة البحرية هو مسؤولية الجميع فالكل متضرر خاصة صيادي الأسماك، بينما الخاسر الأكبر هو الأجيال المقبلة والتي ستلوم هذا الجيل على ما قام به من تدمير لهذه البيئات، وأشار إلى أن الله «سبحانه وتعالى» خلق كل شيء بميزان.. فالبيئة الساحلية مترابطة ببعضها البعض وللأسف أن معظم هذا التدمير يشارك فيه الجميع.. فالشركات التي تقوم بالدراسات البيئية معظم عملها مكتبي ولا يخرج باحثوها للعمل الميداني وإذا خرجوا جاءوا في أوقات غير مناسبة.. أو أرسلوا أشخاصاً ليست لهم الدراية الكافية عن الطيور، وبناءً عليه تصدر دراسات غير جيدة للتقييم البيئي للمنطقة، بالإضافة إلى أن هناك جهات تتخذ قراراً بمشاريع من دون أن تأخذ موافقة رأي اللجنة الرباعية كاملة والتي تهتم بالشئون البيئية للمناطق الساحلية، ووصف شبراق عدم الالتزام بالقرارات السامية إن وجدت بـ "الطامة الكبرى".
كورنيش سنابس
وكشف نائب رئيس جمعية الصيادين بالشرقية جعفر أحمد الصفواني عن وجود ردميات بين الحين والآخر في شمال كورنيش سنابس بجزيرة تاروت وهو ما يعدّ مخالفة صريحة للأوامر السامية العديدة التي تقضي بإبقاء السواحل البحرية دون ردم وكذلك الأوامر التي تطلب إبقاء جزيرة تاروت على وضعها وتعتبر هذه التجاوزات المتكررة مخالفة للقرار الصادر من الأمانة برقم 5864/8909 بتاريخ 21/12/1430 هجرية وإلى بلدية القطيف، والذي يمنع الردم برمته والذي لم ينفذ بعد بصورته المطلوبة رغم انه يمنع الردميات التي تحدث بين الحين والآخر في المنطقة والتي تتربص بالساحل بشمال سنابس والتي تعتبر جميعها مخالفات صريحة بحد ذاتها..
ولفت الصفواني الى أن الردميات وان كانت متقطعة لكنها تثير مخاوف الجمعية من وصولها لشجيرات المانجروف الصغيرة المتواجدة شمال سنابس بجانب المشتل الذي يزرع فيه شجر القرم.
استزراع القرم
وأوضح نائب رئيس جمعية الصيادين أن استزراع أشجار القرم في الخليج العربي وبالذات في المنطقة الشرقية تم في اكثر من 26 موقعاً من قبل الهيئة الوطنية للحياة الفطرية وإنمائها.. فلم تنجح تلك الأماكن باستثناء منطقة رأس أبو علي في الجبيل منوهاً الى استزراعها بالتعاون مع شركة ارامكو والثروة السمكية والحياة الفطرية وإنمائها في المنطقة ونسبة النجاح وصلت الى 98 بالمائة، وكذلك تم الاستزراع في خليج تاروت وتحديداً في رأس تنورة واختارتها ارامكو لعدة أسباب من أهمها ضمان عدم ردمها وكونها صالحة للاستزراع بنسبة 40 بالمائة.
واضاف إنه فى الفترة الأخيرة تم استزراع 2500 شتلة في دارين منوها الى ان جمعية الصيادين اقترحت الاستزراع بجانب القناة في منطقة الناصرة حيث يعتبر الموقع هذا من أهم الأماكن الصالحة للزراعة.
لجنة رباعية
وفى المقابل تصرّ بلدية محافظة القطيف على أن عملية الردم في غرب قناة تاروت تتم بموافقة اللجنة الرباعية وذلك رغم تأكد جمعية الصيادين من عدم وجود موافقة بهذا الشأن.
ونوهت البلدية الى أن الردم لا يتم إلا بعد تقديم دراسة تُعنى بالجانب البيئي، وبيّن مصدر مسئول في البلدية أن تنفيذ أعمال الدفن الجارية حالياً غرب قناة تاروت لم تكن لتنفذ على أرض الواقع لولا موافقة البلدية التي خاطبت أمانة المنطقة الشرقية في وقت سابق وحصلت على موافقة اللجنة الرباعية.
منطقة معزولة
وأشار المصدر إلى أن المنطقة أصبحت معزولة ومستنقعاً مائياً بعد أن تم تطوير القناة من طريق المشروع الذي يستمر العمل فيه في شكل متواصل، وأكد أن أعمال الدفن تسير وفق النظام مشيرا إلى مخاطبة أمين المنطقة الشرقية والذي أمر بعد الرجوع للجنة الرباعية بدفن المنطقة المعزولة التي لا يصلها ماء البحر بسبب الحاجز المستحدث، منوهاً إلى تحوّل المنطقة لمستنقع تكثر فيه الحشرات.
وقال المصدر إن الأعمال البحرية في المناطق المفتوحة لا تتم إلا بعد تقديم دراسات وافية عن الموقع، تراعى فيه الجوانب البيئية، منوهاً إلى أخذ الموافقة على تطوير قناة تاروت، ومقترح اللجنة الرباعية بتطوير الفتحات من 250 الى 350 متراً.
معالجة ثنائية
اما المديرية العامة للمياه بالمنطقة الشرقية فقالت إن مياه الصرف الصحي التي يتم ضخّها على مياه البحر معالجة ثنائياً ويتم تعقيمها بالكلور قبل تصريفها على مياه البحر، كما تجري مراقبة تلك المياه عن طريق اجراء الفحوصات والتحاليل الكيميائية والجرثومية بشكل يومي التي اثبتت ان المياه المعالجة ثنائياً نقية جداً ولا تشكل مصدر تلوث وانما تساعد على تحسين البيئة المحيطة بالخليج، كما ان تلوث مياه الخليج ناتج عن اسباب اخرى لا علاقة لمياه الصرف الصحي به مثل الردم العشوائي وتجريف التربة البحرية وازالة اشجار المنجروف.
وابدت المديرية استعدادها لاستقبال أي زيارة من الجهات المختصة لمحطة المعالجة للوقوف على الطبيعة على إنجازاتها.
تأهيل مواقع
ويقابل عمليات التجريف والردم والقضاء على شجر المنجروف محاولات من وزارة الزراعة ممثلة بفرعها في المنطقة الشرقية تستهدف تأهيل بعض المناطق على الساحل الشرقي بزراعة شتل أشجار القرم المنجروف منذ عام 2004م، وحتى العام الماضي وبلغ عددها 79 الفاً و200 شتلة. وأوضح المهندس نبيل إبراهيم فيتا من وزارة الزراعة قيام الوزارة في عام 2004م بإعادة تأهيل منطقة رأس تنورة بـ 7 آلاف شتلة والهيئة الملكية بـ 3 آلاف شتلة ورأس أبو علي 150 شتلة.
وفي عام 2005م تمت زراعة وإعادة تأهيل في منطقة رأس تنورة 7200 شتلة وعنك10 آلاف شتلة ورأس أبو علي 450 شتلة وتناجيب 400 شتلة والكويت 500 شتلة وفي عام 2006م تمت إعادة تأهيل منطقة رأس تنورة بـ 10 آلاف شتلة وفي عام 2007م تمت إعادة تأهيلها بـ 10 شتلات وفي العام 2008م تمت إعادة تأهيلها بـ 500 شتلة والعام 2009م تمت إعادة تأهيلها بـ 12500 شتلة ونالت رأس الزور وصفوى ودارين2500 شتلة لكل منها.
دعم تشريعات
وبيَّن المهندس فيتا أن الوزارة تقدّم توصيات للمحافظة على البيئة الساحلية وأشجار القرم أهمها استشعار أهمية المحافظة على الأشجار ودعم إعادة تأهيل المناطق الساحلية لسواحل المملكة وإيقاف جميع أعمال الردم والتجريف على السواحل ودعم التشريعات والأنظمة للمحافظة على بيئة أشجار القرم والبيئة الساحلية وتكثيف أعمال المتابعة والمراقبة لجميع النشاطات على السواحل والتوسّع في إنشاء المشاتل المنتجة للقرم في مختلف المناطق وزيادة التوعية البيئية لجميع القطاعات الحكومية والخاصة وتوعية الطلاب في المدارس في جميع المراحل بأهمية أشجار القرم للبيئة البحرية والحياة الفطرية ورفع المعايير الخاصة بتصريف المياه في البحر والحدّ من تلويث المناطق البحرية.